تمثل التعديلات الأخيرة التي أقرتها الحكومة المصرية على قانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 67 لسنة 2016 نقطة تحول استراتيجية في المشهد المالي المصري. هذه الإصلاحات ليست مجرد تغيير في الأرقام، بل هي تغيير جذري في فلسفة المعاملة الضريبية لقطاعات حيوية، أبرزها قطاع المقاولات والإنشاءات.
في M1 Group، بصفتنا خبراء محاسبة قانونية و استشارات ضريبية ، نقدم هذا الدليل الشامل والمفصل لمديري الشركات، والمالكين، ورؤساء الشؤون المالية لفهم الأبعاد القانونية، المحاسبية، والاقتصادية لهذه التغييرات وضمان الامتثال الضريبي الكامل.
____________________________________________________________________________________________________________________________________________________
المحور الأول: التحول التاريخي لضريبة المقاولات (من ضريبة الجدول إلى السعر العام)
كانت المعاملة الضريبية لقطاع المقاولات محل جدل لسنوات طويلة، حيث كانت تخضع لضريبة غير مخصومة لا تتوافق مع مبدأ الضريبة على القيمة المضافة، مما خلق ما يعرف بـ "الازدواج الضريبي".
1. السياق التاريخي: (ضريبة الجدول)
قبل التعديل، كانت خدمات المقاولات تخضع لـ ضريبة الجدول بنسبة قطعية ومخفضة (عادة 5%)، وهي ضريبة لا تتيح للمكلف حق خصم ضريبة القيمة المضافة على المدخلات.
النتيجة السلبية على الاقتصاد:
الازدواج الضريبي (Tax Cascading): كانت الشركات تدفع ضريبة على مشتريات المدخلات (بنسبة 14% في كثير من الأحيان)، ثم تدفع ضريبة الـ 5% القطعية على المخرجات دون استرداد المدخلات، مما أدى إلى تضخم التكلفة النهائية للمشروع بشكل غير مبرر.
التحميل على المستهلك: تم تمرير التكلفة الضريبية غير القابلة للخصم إلى المستهلك النهائي، مما أثر على تنافسية القطاع.
2. التعديل الجوهري لعام 2025: الخضوع لـ 14% مع حق الخصم
نصت التعديلات الجديدة بشكل واضح على إخراج خدمات المقاولات من قائمة ضريبة الجدول وإخضاعها للسعر العام لضريبة القيمة المضافة (14%)، مع إتاحة الحق القانوني لشركات المقاولات في خصم الضريبة المسددة على مدخلاتها.
النص القانوني الجوهري: تم تعديل الجداول الملحقة بالقانون (بموجب قرار وزاري تكميلي للقانون 67 لسنة 2016) لاستبعاد خدمات المقاولات وتطبيق أحكام المادة الثانية التي تحدد السعر العام للضريبة على السلع والخدمات غير المعفاة.
3. الإجراءات المحاسبية اللازمة لشركات المقاولات (توصيات M1 Group)
للاستفادة القصوى من هذا التعديل وتجنب غرامات مصلحة الضرائب المصرية، يجب على الشركات اتخاذ خطوات إجرائية حاسمة:
تدقيق المدخلات (Input Verification): يجب التأكد من أن جميع فواتير الشراء للمواد والخدمات المتعلقة بالمشروعات (التي تخضع الآن لـ 14%) موثقة ومصدرة بشكل إلكتروني وصحيح من موردين مسجلين. أي فاتورة غير نظامية ستؤدي إلى رفض طلب الخصم.
الفصل الزمني والمحاسبي: يجب على فريق المحاسبة إعداد دليل إجرائي للفصل بين المشروعات التي بدأت قبل تطبيق التعديل والتي ما زالت تخضع لـ 5% (للفترات السابقة) والمشروعات الجديدة التي تخضع للنسبة العامة 14%.
_______________________________________________________________________________________________________________________________
المحور الثاني: توضيح ضوابط القيمة المضافة على العقارات والوحدات الإدارية
استهدفت التعديلات توحيد المعاملة الضريبية للأنشطة العقارية ذات الطبيعة التجارية، مع الحفاظ على الإعفاءات الأساسية.
1. الوحدات الإدارية والـ 1% (ضريبة الجدول)
تم توضيح أن الوحدات المخصصة للنشاط الإداري والكائنة في مجمعات تجارية وإدارية تخضع لـ ضريبة الجدول بنسبة 1% على قيمتها.
الهدف القانوني: إزالة الالتباس السابق والتمييز بين المحلات التجارية (التي كانت تخضع لـ 1%) والمكاتب الإدارية الموجودة في نفس السياق التجاري.
2. تأكيد الإعفاءات على الوحدات السكنية والخدمات الأساسية
أكدت التعديلات على عدم المساس بالإعفاءات الضريبية المفروضة على قطاعات حيوية تخدم المواطن بشكل مباشر.
الإعفاء السكني: تظل المعاملات المتعلقة بالوحدات السكنية والخدمات المرتبطة بها (كالتعليم والصحة) معفاة من ضريبة القيمة المضافة.
ضريبة القيمة المضافة الصفرية (Zero-Rated): لم يطرأ تغيير على المعاملات الخاضعة للضريبة بسعر صفر، مثل السلع والخدمات التي يتم تصديرها، مما يعزز قدرة المصدرين.
_______________________________________________________________________________________________________________________________
المحور الثالث: تعديلات ضريبة الجدول الأخرى وإصلاحات الإجراءات
شملت التعديلات بنوداً أخرى تهدف إلى ضبط وتنظيم التعاملات الضريبية في مجالات محددة.
1. تعديلات على السلع الكمالية والاستهلاكية
تم رفع الضريبة القطعية والمعدلات السعرية على سلع محددة (كالتبغ والمشروبات الكحولية) بموجب جداول محددة. هذا يخدم هدفين: زيادة الإيراد الضريبي وتنظيم الاستهلاك.
2. آليات التيسير القانوني (القوانين المكملة لعام 2025)
تضمنت التشريعات المرافقة للقانون آليات لتيسير الإجراءات وتحسين العلاقة بين الممول و مصلحة الضرائب المصرية:
إنهاء المنازعات الضريبية: فتحت الحكومة نافذة زمنية للشركات لتسوية الملفات الضريبية القديمة والمتنازع عليها بشكل نهائي، مقابل شروط ميسرة للدفع وإلغاء لجزء كبير من مقابل التأخير والغرامات. هذه فرصة ذهبية لتنظيف السجلات المالية والضريبية.
تسريع رد الضريبة: استمرت الجهود في ميكنة عملية رد الضريبة المستحقة (خصوصاً للمصدرين)، مما يحسن من السيولة النقدية للشركات ويشجع التصدير.
_______________________________________________________________________________________________________________________________
إن التعديلات على قانون ضريبة القيمة المضافة لعام 2025 تمثل إقراراً بأهمية تبسيط الإجراءات الضريبية وإزالة التشوهات التي كانت تعيق النمو الاقتصادي، خصوصاً في قطاع الإنشاءات. لم يعد الأمر يتعلق فقط بالتسجيل، بل أصبح يتعلق بـ استراتيجية الخصم والاسترداد.
توصيات M1 Group النهائية لتعزيز موقفك المالي:
الاستشارة القانونية الفورية: لشركات المقاولات، فإن الفترة الانتقالية هي الأصعب. يجب العمل فوراً مع محاسب قانوني متخصص لضمان تطبيق آليات الخصم بشكل صحيح وتفادي الوقوع في خطأ تقديم إقرار غير صحيح.
المراجعة الشاملة للمنازعات: إذا كان لشركتك ملفات ضريبية قديمة، فإن توقيت تسوية هذه المنازعات الآن يقلل من التكلفة الإجمالية المحتملة.
التحول الرقمي للوثائق: يجب التأكد من أن جميع الأنظمة المحاسبية جاهزة للتعامل مع متطلبات الفاتورة الإلكترونية والخصم الآلي.
هل تريد فريقاً من الخبراء القانونيين لضمان الامتثال الكامل لشركتك وتأمين حقها في خصم المدخلات بعد التعديلات الجديدة؟ تواصل الآن مع M1 Group لحجز استشارتك