"قانون تيسير التراخيص" حجر الزاوية في بيئة الاستثمار ودفع عجلة التنمية
شهدت جمهورية مصر العربية في السنوات الأخيرة تحولًا جذريًا في رؤيتها الاقتصادية، مع إيلاء اهتمام غير مسبوق لتعزيز مناخ الاستثمار وتطوير القطاع الصناعي. هذا الاهتمام لم يكن مجرد شعارات، بل تجسد في حزمة من الإصلاحات التشريعية والإجرائية الهادفة لخلق بيئة جاذبة لرأس المال المحلي والأجنبي. ويقف إصدار القانون رقم 72 لسنة 2017 بشأن تيسير إجراءات منح التراخيص للمنشآت الصناعية كعلامة فارقة وحجر زاوية في هذه المسيرة، كونه جاء ليعالج تحديات مزمنة كانت تعرقل نمو القطاع الصناعي، ويفتح آفاقًا واسعة أمامه ليصبح قاطرة حقيقية للتنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة.
قبل هذا القانون، كان المستثمر الصناعي يواجه متاهة بيروقراطية معقدة، تتسم ببطء الإجراءات، وتعدد الجهات المعنية، وتضارب الاختصاصات، مما كان يستنزف الوقت والجهد والمال، ويدفع العديد من المستثمرين للعزوف أو البحث عن فرص استثمارية في بيئات أكثر مرونة. لقد جاء القانون 72 لسنة 2017 ليضع نهاية لهذه المعاناة، وليؤسس لمنظومة قانونية جديدة تتيح للمصانع العمل بسرعة، وبأقل تكلفة إدارية ممكنة، مع الحفاظ على معايير الجودة، والسلامة المهنية، والصحة العامة، وحماية البيئة.
______________________________________________________________________________________________
الرؤية والأهداف الاستراتيجية لقانون 72 لسنة 2017
لم يولد القانون 72 لسنة 2017 من فراغ، بل كان نتاج دراسة مستفيضة للتحديات التي تواجه القطاع الصناعي ورؤية طموحة لمستقبله. تمحورت أهدافه الاستراتيجية حول نقاط محددة تستهدف تحسين بيئة الاستثمار في مصر بشكل جذري:
- تبسيط وتيسير إجراءات التراخيص: القضاء على الروتين: كانت الإجراءات الإدارية المعقدة والروتينية هي العائق الأكبر أمام المستثمرين. القانون جاء ليقلص بشكل كبير عدد الموافقات المطلوبة من جهات متعددة، ويعتمد على منظومة واضحة ومبسطة للترخيص. هذا التبسيط يعني تقليلًا هائلاً في الأوراق المطلوبة والخطوات الواجب اتخاذها، مما يوفر وقتًا ثمينًا للمستثمر يمكن استغلاله في بدء الإنتاج والتشغيل.
- تقليص الفترة الزمنية لاستخراج التراخيص: عامل السرعة: كان طول مدة استخراج التراخيص سببًا رئيسيًا في إحجام المستثمرين. القانون حدد مددًا زمنية واضحة وملزمة لفحص الطلبات والرد عليها، بحيث يتم اختصار وقت إصدار الترخيص إلى حد كبير. هذه السرعة في الإنجاز تترجم إلى سرعة في التشغيل، وبالتالي سرعة في تحقيق العوائد الاستثمارية.
- تفعيل نظام الترخيص بالإخطار: دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: يُعد هذا النظام نقلة نوعية. فقد سمح للمنشآت الصناعية ذات المخاطر المنخفضة (والتي تشكل غالبية المشروعات الصغيرة والمتوسطة) بالبدء الفوري في النشاط بمجرد تقديم "الإخطار" للهيئة، دون انتظار الموافقات المسبقة. هذا الدعم غير المباشر للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يساهم في دمجها بالاقتصاد الرسمي، وتنميتها، وخلق المزيد من فرص العمل.
- منح الهيئة العامة للتنمية الصناعية دور القيادة: توحيد المرجعية: قبل القانون، كان المستثمر يتنقل بين وزارات وجهات حكومية متعددة للحصول على الموافقات اللازمة، مما أدى إلى تضارب في الصلاحيات والمسؤوليات. جعل القانون الهيئة العامة للتنمية الصناعية هي "الشباك الواحد" والجهة الوحيدة المختصة بإصدار وتجديد التراخيص الصناعية. هذا التوحيد للقضاء على التداخل والتضارب يبسط الإجراءات ويجعلها أكثر كفاءة.
- تشجيع الاستثمار الصناعي وجذب رؤوس الأموال: بناء الثقة: بإزالة العوائق البيروقراطية وتسهيل الإجراءات، أصبحت بيئة الاستثمار الصناعي في مصر أكثر جاذبية وثقة. هذا المناخ الإيجابي يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ المزيد من رؤوس الأموال في قطاع الصناعة، الذي يُعد قاطرة للنمو الاقتصادي وخلق القيمة المضافة.
- تحسين بيئة الأعمال ورفع التصنيف الدولي: صورة مصر الاقتصادية: يساهم القانون بشكل مباشر في رفع تصنيف مصر في المؤشرات الدولية المعنية بسهولة ممارسة أنشطة الأعمال، مثل تقارير "ممارسة الأعمال" الصادرة عن البنك الدولي. تحسن هذه المؤشرات يرسل إشارة إيجابية للمستثمرين العالميين حول جدية مصر في تحسين مناخها الاستثماري، ويزيد من جاذبيتها كوجهة للاستثمار.
- دعم التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030: صناعة خضراء ومستدامة: يتسق القانون مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030. فهو يوجه النمو الصناعي نحو التنمية الاقتصادية الشاملة، ويشجع على إقامة المناطق الصناعية وتوزيعها جغرافيًا بشكل متوازن، مع التركيز على التنمية المستدامة والمعايير البيئية، لضمان مستقبل صناعي أخضر ومزدهر.
- مكافحة الاقتصاد غير الرسمي: ضم المجهولين: يمثل القانون أداة فعالة لدمج الورش والمصانع غير المرخصة في الاقتصاد الرسمي. من خلال منح هذه المنشآت إطارًا قانونيًا مبسطًا للعمل بشكل منظم وآمن، يمكن للدولة توسيع قاعدتها الضريبية، وضمان تطبيق معايير السلامة والجودة، وتقديم الدعم اللازم لهذه المشروعات لتنمو وتساهم بفعالية في الاقتصاد الوطني.
______________________________________________________________________________________________
أبرز ما جاء في القانون
لم يكتفِ القانون بوضع الأهداف، بل تضمن آليات تنفيذية واضحة نقلت تنظيم منح التراخيص الصناعية في مصر إلى مستوى جديد تمامًا. إليك تفصيل لأهم ما جاء فيه:
- نظام التراخيص بالإخطار مقابل الترخيص المسبق: نهج مرن ومزدوج: يُعد هذا التفريق جوهر القانون. لقد صنف الأنشطة الصناعية بناءً على درجة الخطورة التي تمثلها على الصحة العامة والبيئة والسلامة المهنية:
- المنشآت منخفضة المخاطر: تمثل شريحة كبيرة من الصناعات، خاصة الصغيرة والمتوسطة. يمكن لهذه المنشآت العمل بنظام "الإخطار فقط". يعني هذا أن المستثمر يقدم إخطارًا للهيئة العامة للتنمية الصناعية، مستوفيًا للمستندات المطلوبة، ويصبح الترخيص ساريًا فورًا دون انتظار أي موافقات مسبقة. هذه السرعة تمنح مرونة غير مسبوقة لبدء التشغيل.
- المنشآت عالية المخاطر: تشمل الصناعات التي قد يكون لها تأثير بيئي أو صحي كبير. هذه المنشآت تخضع لنظام الترخيص المسبق، الذي يتطلب مراجعة فنية من الهيئة قبل إصدار الترخيص. ومع ذلك، ألزم القانون الهيئة بمدد زمنية محددة للبت في هذه الطلبات لا تتجاوز 30 يومًا، لضمان عدم وجود تأخير غير مبرر.
- الدور المحوري للهيئة العامة للتنمية الصناعية: المظلة الواحدة: بموجب القانون، أصبحت الهيئة العامة للتنمية الصناعية هي الجهة الوحيدة المختصة بإصدار وتجديد تراخيص المنشآت الصناعية. هذا يعني إلغاء الحاجة للحصول على موافقات من وزارات وجهات متعددة (مثل الصحة، البيئة، الدفاع المدني وغيرها) بشكل مباشر من المستثمر. الهيئة الآن هي المسؤولة عن تحديد درجة خطورة النشاط، وتنسيق الحصول على الموافقات اللازمة من الجهات الأخرى نيابة عن المستثمر، مما يوفر عليه عناء التنقل والتعامل مع بيروقراطيات مختلفة.
- تبسيط المستندات والإجراءات: وداعًا للتكرار: لم تعد المستندات المطلوبة تختلف من جهة لأخرى. فقد تم تحديد قائمة موحدة وواضحة بالمستندات المطلوبة حسب نوع النشاط، مما يقلل من الارتباك والخطأ. كما أُتيحت إمكانية التقديم إلكترونيًا عبر البوابة الرقمية للهيئة، أو ورقيًا من خلال المقر الرئيسي أو الفروع المنتشرة في المحافظات، لتسهيل عملية الوصول.
- تحديد مدد إلزامية للرد: ضمان للوقت: هذه المادة تعتبر ضمانة قوية للمستثمر. ألزم القانون الهيئة بالبت في الطلب (الخاص بالترخيص المسبق) خلال مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ تقديمه. وفي حالة عدم الرد خلال هذه المدة، يُعتبر الترخيص صادرًا بحكم القانون، مما يحمي المستثمر من أي تأخير متعمد أو غير مبرر. أما في حالة الإخطار، فالترخيص يكون نافذًا فور تقديم الإخطار واستيفاء المستندات.
- آلية التظلم والطعن: حماية حقوق المستثمرين: لضمان الشفافية وحماية حقوق المستثمرين، أتاح القانون للمتقدمين حق التظلم من قرار رفض منح الترخيص. يتم تقديم التظلم أمام لجنة تظلمات متخصصة تُنشأ لدى الهيئة، وقد نص القانون على أن تفصل اللجنة في التظلم خلال مدة لا تتجاوز 15 يومًا، مما يوفر إجراءات واضحة وسريعة للحصول على قرار نهائي ومنصف.
- تصنيف الأنشطة الصناعية: الوضوح كأساس: قام القانون بتصنيف الأنشطة الصناعية بشكل دقيق بناءً على درجة الخطورة (منخفضة أو عالية). هذا التصنيف العلمي والواضح هو الذي يُحدد ما إذا كان النشاط يخضع لنظام الإخطار أم الترخيص المسبق. هذا الوضوح ساعد بشكل كبير على تسريع الإجراءات وتوجيه الجهود الرقابية والفحصية نحو الأنشطة التي تحمل تأثيرًا بيئيًا أو صحيًا أكبر، دون عرقلة الصناعات الأقل خطورة.
- إتاحة مكاتب الاعتماد: شراكة مع القطاع الخاص: في خطوة تهدف إلى تسريع الإجراءات وتخفيف العبء عن الهيئة، سمح القانون للمنشآت باللجوء إلى "مكاتب اعتماد معتمدة" لفحص التراخيص والرسومات الفنية وتقارير المراجعة، كبديل لعملية الفحص المباشر من الهيئة في بعض الحالات. هذه المكاتب تعمل تحت إشراف الهيئة العامة للتنمية الصناعية وتخضع لرقابتها، مما يضمن الجودة مع السرعة في الإنجاز.
- تحفيز الاستثمار في المناطق الصناعية: الجاهزية للتشغيل: ركز القانون على تسهيل إجراءات الحصول على تراخيص داخل المناطق الصناعية المخططة والمجهزة مسبقًا بالبنية التحتية اللازمة. كما دعم إنشاء المجمعات الصناعية الجاهزة والمُرخصة مسبقًا. هذه المجمعات تعتبر حلًا مثاليًا للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث يمكنها البدء في التشغيل الفوري دون الحاجة لتحمل أعباء إنشاء البنية التحتية واستخراج التراخيص الأولية المعقدة.
______________________________________________________________________________________________
خطوات الحصول على الترخيص الصناعي
بناءً على قانون رقم 72 لسنة 2017 بشأن تيسير إجراءات منح التراخيص للمنشآت الصناعية، أصبحت عملية الحصول على ترخيص صناعي في مصر أكثر سلاسة ووضوحًا. تعتمد الخطوات الأساسية على تصنيف المنشأة الصناعية حسب درجة خطورتها، وذلك لتحديد ما إذا كانت ستخضع لنظام "الترخيص بالإخطار" أو "الترخيص المسبق".
أولاً: تحديد نوع النشاط الصناعي (تصنيف المخاطر)
قبل البدء في أي إجراء، يجب على المستثمر تحديد درجة خطورة نشاطه الصناعي. هذا التصنيف هو ما يحدد المسار الذي ستتبعه عملية الترخيص:
الأنشطة منخفضة المخاطر: هذه الأنشطة لا تمثل درجة كبيرة من المخاطر على الصحة العامة أو البيئة أو السلامة المهنية. تتضمن عادةً الصناعات الخفيفة التي لا تتطلب عمليات تصنيع معقدة أو استخدام مواد خطرة.
- المسار: تخضع لنظام الترخيص بالإخطار.
الأنشطة عالية المخاطر: هذه الأنشطة قد يكون لها تأثير كبير على البيئة، أو الصحة العامة، أو تتطلب إجراءات سلامة مهنية خاصة نظرًا لطبيعة المواد المستخدمة أو عمليات الإنتاج.
- المسار: تخضع لنظام الترخيص المسبق.
كيف تعرف تصنيف نشاطك؟
الهيئة العامة للتنمية الصناعية (IDA) هي الجهة المسؤولة عن تحديد تصنيف الأنشطة الصناعية. عادةً ما يكون لديها دليل واضح أو قوائم بالأنشطة مصنفة حسب درجة الخطورة. يُنصح بالرجوع إلى الموقع الإلكتروني للهيئة أو زيارة أحد فروعها للاطلاع على التصنيف الدقيق لنشاطك.
___________________________________________________
ثانياً: المستندات الأساسية المطلوبة (لكلا النوعين)
على الرغم من اختلاف مسار الترخيص، إلا أن هناك مجموعة من المستندات الأساسية التي تُطلب بشكل عام من جميع المنشآت الصناعية:
بيانات مقدم الطلب:
- صورة من بطاقة الرقم القومي لمقدم الطلب (مع الاطلاع على الأصل).
- توكيل أو تفويض بنكي في حالة التقديم عن طريق وكيل أو مفوض (يجب التأكد من سريان التوكيل أو التفويض).
المستندات القانونية للمنشأة:
- مستخرج حديث وساري من السجل التجاري (لم يمر على طباعته أكثر من 6 أشهر).
- صورة من البطاقة الضريبية السارية (مع الاطلاع على الأصل).
- شهادة عضوية سارية من اتحاد الصناعات المصرية.
- سند حيازة المنشأة: سواء كان عقد ملكية مسجل، أو عقد إيجار ساري المفعول وموثق، أو عقد انتفاع.
- عقد الشركة (إذا كان المشروع في شكل شركة).
المستندات الفنية للمنشأة:
- رسم هندسي للموقع أو الرسومات الهندسية للمصنع.
- شهادة صلاحية من استشاري معتمد بنقابة المهندسين تفيد صلاحية المبنى للإشغال (خاصة للمنشآت الجديدة أو التي تتطلب إنشاءات).
- إفادة ببيانات التواصل مع الشركة (بيانات المدير المسؤول، رقم الهاتف، البريد الإلكتروني).
في حالة وجود رخصة تشغيل سابقة:
- أصل رخصة التشغيل السابقة الصادرة طبقًا للقوانين القديمة (مثل قانون 453) إن وجدت، أو صورة منها مع محضر فقدان في حالة الضياع.
- في حال عدم وجود رخصة سابقة للمنشآت خارج المناطق الصناعية، يتم إصدار خطاب "عدم الحظر".
___________________________________________________
ثالثاً: خطوات التقديم حسب نوع الترخيص
بعد تجهيز المستندات الأساسية وتحديد نوع النشاط، تأتي خطوات التقديم الفعلية:
أ. نظام الترخيص بالإخطار (للأنشطة منخفضة المخاطر)
يُعد هذا النظام الثورة الحقيقية في تيسير إجراءات التراخيص، حيث يسمح ببدء النشاط فورًا:
تقديم الإخطار والمستندات:
- يتوجه المستثمر إلى الهيئة العامة للتنمية الصناعية (المقر الرئيسي، أحد الفروع، أو عبر البوابة الإلكترونية للهيئة إذا كانت الخدمة متاحة إلكترونيًا بشكل كامل).
- يقوم بتقديم نموذج الإخطار المخصص لهذه الأنشطة، مرفقًا به جميع المستندات الأساسية المذكورة أعلاه.
- يجب أن يتضمن الملف الفني الخاص بنظام الإخطار عرضًا بيئيًا (عادةً ما يكون أبسط من دراسة تقييم الأثر البيئي).
دفع الرسوم:
- يتم سداد الرسوم المقررة لتقديم الإخطار والحصول على نسخة معتمدة من دليل ممارسة النشاط الصناعي.
بدء النشاط الفوري:
- بمجرد تقديم الإخطار واستيفاء جميع المستندات المطلوبة، يُعتبر الترخيص نافذًا بحكم القانون، ويحق للمنشأة البدء في مزاولة النشاط الصناعي فورًا.
- تقوم الهيئة العامة للتنمية الصناعية بمعاينة المنشأة لاحقًا (خلال 90 يومًا من تاريخ الإخطار) للتأكد من استيفائها للاشتراطات المطلوبة. إذا تبين وجود مخالفات، تُمنح المنشأة مهلة لتوفيق أوضاعها.
ب. نظام الترخيص المسبق (للأنشطة عالية المخاطر)
يتطلب هذا النظام موافقة مسبقة من الهيئة نظرًا لطبيعة النشاط، لكن بمدد زمنية محددة:
تقديم طلب الترخيص:
- يتوجه المستثمر إلى الهيئة العامة للتنمية الصناعية (المقر الرئيسي أو أحد الفروع، أو عبر البوابة الإلكترونية).
- يقدم نموذج طلب الترخيص المسبق، مرفقًا به جميع المستندات الأساسية.
- يجب أن يتضمن الملف الفني والبيئي دراسة تقييم الأثر البيئي المعتمدة من جهاز شؤون البيئة (عادة ما تكون من 3 نسخ و 3 أقراص مدمجة CD، مقدمة من مكتب استشاري بيئي معتمد).
- قد يتطلب الأمر أيضًا تقرير وقاية ضد أخطار الحريق أو موافقة من الدفاع المدني، يكون معتمدًا من استشاري كهرباء أو ميكانيكا.
مراجعة الطلب والفحص الفني:
- تقوم الهيئة بمراجعة الطلب والمستندات المرفقة، وقد تطلب استيفاء أي نواقص أو إيضاحات إضافية.
- تُجرى معاينات فنية وبيئية للمنشأة للتأكد من استيفائها لجميع المتطلبات والشروط الفنية والسلامة والصحة المهنية والبيئة.
دفع الرسوم:
- بعد استيفاء الشروط والموافقات المبدئية، يتم سداد الرسوم المقررة لإصدار الترخيص.
البت في الطلب وإصدار الترخيص:
- يجب على الهيئة البت في طلب الترخيص خلال مدة أقصاها 30 يومًا من تاريخ تقديم الطلب مستوفيًا جميع المستندات.
- إذا وافقت الهيئة، يتم إصدار الرخصة الصناعية للمنشأة.
- في حالة عدم البت في الطلب خلال المدة المحددة (30 يومًا)، يُعتبر الترخيص صادرًا بحكم القانون، وهي ضمانة قوية للمستثمر.
- في حال الرفض، يجب أن يكون القرار مسببًا، وللمستثمر الحق في التظلم.
___________________________________________________
رابعاً: إجراءات ما بعد الترخيص (القيد في السجل الصناعي)
بعد الحصول على الرخصة الصناعية (سواء بالإخطار أو المسبق)، يجب على المنشأة استكمال إجراءات القيد في السجل الصناعي لدى وزارة الصناعة. هذا السجل ضروري لمزاولة النشاط الصناعي بشكل قانوني، ويشمل عادةً:
- تقديم نموذج طلب القيد في السجل الصناعي.
- صورة من الرخصة الصناعية الصادرة.
- شهادة عضوية اتحاد الصناعات المصرية.
- بيانات تفصيلية عن النشاط الصناعي والمنتجات.
- إيصال سداد الرسوم المقررة للقيد.
______________________________________________________________________________________________
الأثر الاقتصادي والاجتماعي للقانون 72 لسنة 2017
لا يمكن تقدير أهمية القانون 72 لسنة 2017 فقط من خلال مواده وأحكامه، بل من خلال تأثيره العميق على الاقتصاد والمجتمع المصري:
- تحفيز الاستثمار الصناعي: القانون يزيل الحواجز التقليدية التي كانت تعوق دخول المستثمرين الجدد للسوق الصناعي، مما يخفض تكاليف البدء ويشجع على ضخ المزيد من رؤوس الأموال في الصناعة، وتوسيع قاعدة الإنتاج المحلي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المنتجات.
- مكافحة البيروقراطية وتعزيز الشفافية: من خلال اختصار الإجراءات، وتوحيد جهة الإصدار، وتحديد مدد زمنية إلزامية، تم تقليص البيروقراطية الحكومية التي كانت تؤدي إلى تأخير وتعطيل المشروعات، كما يقلل القانون من فرص الفساد والتلاعب، مما يعزز من الشفافية ويجذب الاستثمارات التي تبحث عن بيئات عمل واضحة ونزيهة.
- دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة: يُعد هذا القانون بمثابة طوق نجاة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. من خلال نظام الترخيص بالإخطار، أصبح بإمكان الآلاف من الورش والمصانع الصغيرة غير الرسمية الدخول تحت مظلة الاقتصاد الرسمي بسهولة، مما يوفر لهم الحماية القانونية، ويسهل عليهم الحصول على التمويل، ويوسع من مساهمتهم في الناتج المحلي الإجمالي.
- تحسين ترتيب مصر في مؤشرات الأعمال الدولية: هذا القانون يتماشى بشكل مباشر مع جهود الدولة لتحسين تصنيف مصر في تقارير "سهولة ممارسة أنشطة الأعمال" الصادرة عن البنك الدولي، وغيرها من المؤشرات الاقتصادية العالمية. تحسن هذه المؤشرات لا يجذب الاستثمارات فحسب، بل يعزز أيضًا الثقة في الاقتصاد المصري بشكل عام.
- توفير فرص عمل وزيادة الإنتاج المحلي: تسهيل إنشاء المصانع وتشغيلها يؤدي مباشرة إلى توفير فرص عمل جديدة للشباب، وامتصاص جزء كبير من البطالة. كما يساهم في زيادة الإنتاج المحلي، مما يقلل من فاتورة الاستيراد، ويعزز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية في الأسواق المحلية والعالمية، ويساهم في تحقيق الأمن الاقتصادي.
- تعزيز الشفافية والرقابة الفعالة: النظام الجديد أكثر وضوحًا وشفافية، مما يقلل من فرص الفساد. كما يسهل على الهيئة العامة للتنمية الصناعية ممارسة دورها الرقابي على المصانع للتأكد من التزامها بمعايير الجودة، والسلامة المهنية، وحماية البيئة، مما يحقق توازنًا بين تسهيل الاستثمار والحفاظ على المعايير اللازمة.
- دعم أهداف رؤية مصر 2030: يخدم القانون بشكل مباشر خطة الدولة في تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في محور الاقتصاد والصناعة، باعتباره أداة تشريعية تشجع على التصنيع الحديث، الابتكار، ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري. يساهم في بناء قاعدة صناعية قوية قادرة على تلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير.
______________________________________________________________________________________________
لم يكن قانون 72 لسنة 2017 مجرد نهاية المطاف، بل هو جزء من مسيرة أوسع للإصلاح الاقتصادي في مصر. تواصل الدولة المصرية جهودها في تطوير القطاع الصناعي، من خلال مبادرات مثل مبادرة دعم الصناعة المحلية، وتقديم حوافز استثمارية في قطاعات معينة، وتوسيع المناطق الصناعية المتخصصة. هذه الجهود المتكاملة، التي يمثل قانون تيسير التراخيص حجر الزاوية فيها، تهدف إلى بناء اقتصاد صناعي قوي ومتنوع، قادر على مواجهة التحديات العالمية وتحقيق الازدهار المستدام.
إن تبني مصر لهذه التشريعات الحديثة يعكس إدراكًا عميقًا بأن القطاع الخاص هو المحرك الأساسي للتنمية، وأن مهمة الدولة هي تسهيل طريقه وتذليل العقبات أمامه. وبذلك، تصبح الصناعة المصرية قادرة على تحقيق إمكاناتها الكاملة، وتوفير فرص عمل كريمة، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، بما يخدم رفاهية المواطن المصري ويحقق رؤية مصر 2030 التنموية.